“رسائل من كاتماندو” هو مشروع فني مجتمعي مستوحى من سلسلة رسوم “سلام عطا صبري” التي تحمل اسم “رسائل من بغداد” (2005-2015). إذ أقام الفنانان “سانجيف” و”سونيتا مهراجان”، مؤسسا “غرفة الرسم” في العاصمة النيبالية “كاتماندو”، ورشا للرسم مع المدارس المحلية والمراكز المجتمعية عبر أربع مدن في “وادي كاتماندو”. وقد انطلق المشروع بعد اختيار عمل صبري “رسائل من بغداد” للعرض في الدورة الأولى من “ترينالي كاتماندو”، وهو منصة جديدة بارزة للفن في نيبال.

IMG_3779

“بيبك ماغار”، 12 عاما، رسم بيتا تقليديا من الطوب الأحمر في “بهاكتابو”. وكتب لصديقه، إيميت، الذي وجه إليه الخطاب “أرى هذا البيت كل يوم من مدرستي”. وقد تعرضت المدينة التاريخية لدمار كبير بسبب الزلازل في 2015.

يتعامل عمل “صبري” مباشرة مع تجربة العودة إلى بلاد تغيرت بفعل الصراعات. و”رسائل من بغداد” هي مذكرات بصرية تضم أكثر من 150 رسما عُرضت للمرة الأولى في “الجمال غير المرئي”، الجناح العراقي في الدورة السادسة والخمسين من بينالي فينيسيا. وقد أنتج الفنان هذه الرسوم على نحو خاص لدى عودته إلى بغداد مع أسرته عام 2005. وتضم السلسلة في نسيج واحد عناصر من الفن الحديث والقديم في العراق، جنبا إلى جنب مع رحلة الفنان الشخصية وأسفاره.

وقد طُلب من الأطفال والمراهقين رسم خطاب عن الحياة في مدنهم. وتبنى منظما الورشة فكرة “صبري” عن وضع سجل حميم وبصري لمسقط رأسه، مع تخيله كرسالة أيضا. ويقول “سانجيف مهاراجان” أحد مؤسسي المشروع: “أحببنا فكرة أن يتحول الرسم إلى خطاب، وواجهنا تحديا في البداية أن نشرح هذا المفهوم للأطفال“.

ويقول صبري: “أحب أن أرى المزيد من المشروعات الفنية والتعليمية من هذا النوع في بغداد والعراق. أمر عظيم أن يتمكن الأطفال من الاشتباك مع الفن ورؤية المعرض. لا يتاح للأطفال العراقيين إلا أقل القليل من هذه الفرص”. ويذكر أن زيارات المدارس إلى متحف العراق في بغداد لم تُستأنف إلا مؤخرا عندما أعاد المتحف فتح أبوابه عام 2015 بعد إغلاقه لمدة 22 عاما.

ومع أن صبري لم يسافر إلى “كاتماندو”، فقد علَّق على الرسوم من بيته في بغداد. وقال “الأطفال لديهم طريقة أكثر حرية في الرسم وتخيل العالم. إحدى الرسوم أظهرت سلسلة جميلة من الطيور أثناء تحليقها. إنه خيال رائع. الكثير من الفنانين، مثل بيكاسو، تأثروا بأعمال الأطفال”. في الوقت نفسه لاحظ وجود قضايا اجتماعية واضطرابات في الرسم. وقال: “الأطفال في نيبال، شأنهم شأن الأطفال في العراق، عانوا كثيرا. وقد عبروا عن تلك المعاناة برسم ذكريات عن الزلزال، البيوت التي ضاعت والمشكلات الاجتماعية التي شهدوها من حولهم“.

IMG_3774

“بيبك ماغار”، 12 عاما، رسم بيتا تقليديا من الطوب الأحمر في “بهاكتابو”. وكتب لصديقه، إيميت، الذي وجه إليه الخطاب “أرى هذا البيت كل يوم من مدرستي”. وقد تعرضت المدينة التاريخية لدمار كبير بسبب الزلازل في 2015.

وأضاف صبري “يجب علينا تدريس الفن والثقافة لأطفالنا. فذلك سوف يعطيهم أملا في المستقبل”، وتابع “التراث القديم والثقافة الثرية للعراق سوف تمنح هؤلاء الأطفال إحساس بالفخر وعمق الجذور في البلد. عندما يتقدم بهم العمر وينهون دراساتهم، سوف يشجعهم ذلك على تطوير أفكار جديدة ومساعدة مجتمعهم”.

IMG_3777

“كايلاش مهراجان”، 18 سنة، أظهر تراث كاتماندو القديم وحقائق التمدين المعاصر.

IMG_3776

“ساميام ريمال”، 8 سنوات، تناول الزلزال المدمر الذي ضرب نيبال عام 2015. ووجه خطابه إلى “سلام عطا صبري” نفسه.

واختير 25 رسما للعرض في الدورة الأولى من “ترينالي كاتماندو”، في سياق البرنامج التعليمي الذي يحمل اسم “لقاءات”. وقد صُممت الفضاءات العامة المخصصة للأطفال بأيدي معمارين محليين وأُديرت من قبل مجموعات مجتمعية في كافة مواقع الترينالي. ودُعي الزوار، بالغين وأطفالا على حد سواء، للمشاركة في رسم “خطاباتهم” الخاصة.

The Kathmandu Triennale ran from 24th March – 9th April.