نظمت مؤسسة رؤيا معرض “نداء كالوست” للتصوير الفوتوغرافي العراقي الجديد. وأقيم المعرض في مبنى كولبنكيان التابع لوزارة الثقافة في بغداد الذي افتتح في الأول من أكتوبر. والمعرض الذي أعدته فرات الجميل، مديرة مؤسسة رؤيا، بالتعاون الوثيق مع الفنانين، يجمع مصورين فوتوغرافيين شبان، وناشئين، وراسخين، من مختلف أنحاء العراق.

sudani

مهند السوداني، من سلسلة “جديد الجنوب”، 2016. إهداء من الفنان.

تنتشر الصور الفوتوغرافية للأحداث الجارية في العراق على نطاق واسع في مختلف وسائل الإعلام العالمية، ويحظى الكثير من المصورين الصحفيين العراقيين بقدر كبير من الشهرة. لكن هذا المعرض يركز على مشروعات التصوير الفني، وهو مجال أصبح يحظى باهتمام كبير بين مصوري الفوتوغرافيا ومصوري الصحف والفنانين العراقيين، لكنه لم ينل حقه في العرض على نطاق واسع حتى وقت متأخر.

عنوان المعرض، “نداء كالوست”، مشتق من تاريخ مبنى كولبنكيان. صمم المبنى في الخمسينيات، الفترة التي شهدت نهضة اقتصادية واجتماعية وتحديثية في العراق، لكي يستضيف المقتنيات الفنية الهائلة لرجل الأعمال الأرمني والمحسن الكبير “كالوست كولبنكيان”، الذي لعب دورا مهما في تطوير شركة النفط العراقية بعد تفكك الامبراطورية العثمانية. والجدير بالذكر أن مقتنيات كولبنكيان لم تصل إلى العراق قط، بسبب وفاته عام 1955، ثم قيام الثورة العراقية عام 1958. مع ذلك، يستخدم المبنى اليوم كمركز للمعارض. ويعد “نداء كالوست” محاولة لاستدعاء والتواصل مع عصر مختلف من عصور العراق، كان يُنظر فيه إلى بغداد بوصفها مركزا ثقافيا.

وقد عمل الفنانون الذين وقع عليهم الاختيار، والتي سترد أسماؤهم لاحقا، بالتعاون مع الجميل من أجل تنظيم المعرض. وخُصصت لكل فنان مقصورة خاصة به، وطُلب منه اختيار وتنظيم أعماله بنفسه. وسبقت المعرض ندوة أقيمت في بغداد ليوم واحد حضرها المشاركون.

أيمن العامري (مواليد 1995)، مصور محترف ومهتم بالفوتوغرافيا الوثائقية من بغداد. شاركت رؤيا في إنتاج سلسلته التي تحمل عنوان “عمال الليل” (2014)، عن عمال الشوارع في العاصمة العراقية. في معرض “نداء كالوست” يعرض العامري سلسلة باسم “رحيل”، صورها حول محطة بغداد للسكك الحديدية، وهي مبنى تاريخي يحمل ملامح الماضي الكولونيالي للمدينة، وفي الوقت نفسه يوثق عصر التحرر والتحديث في منتصف القرن العشرين.

بنار سردار صديق (مواليد 1983) مصورة صحفية ووثائقية مقيمة بالسليمانية. توثق عادات وطقوس المجتمعات المختلفة في العراق، من عرب الأهوار النازحين الذين يعيشون في شمال العراق، إلى العائلات السنية والمسيحية التي تعيش في بيوت مشتركة في كركوك بعد هروبها من داعش. ظهرت أعمالها في “تايم” و”بي بي سي”، و”رودز آند كينجدم” وغيرها من المطبوعات. العمل الذي تقدمه سردار صديق يتخذ منحى مقارن، إذ تعرض سلسلة جديدة من الصور الفوتوغرافية التي تصور عادات سكان القرى في شمال باكستان، جنبا إلى جنب مع سلسلة توثيقية حول الحياة اليومية في الأهوار العراقية.

هادي النجار (مواليد 1957) مصور فوتوغرافي معروف في العراق، ورئيس الجمعية العراقية للتصوير. يركز في أعماله الأخيرة على الفئات الكادحة والمهمشة التي تعيش في أحياء بغداد القديمة، ويلقي الضوء على جمال المعمار التاريخي في المنطقة، التي أصابها الإهمال وتردت أحوالها. وتظهر الملامح السينمائية للتصوير الفوتوغرافي عند النجار في العنوان الذي اختاره لسلسة أعماله في معرض “نداء كالوست”: “ما وراء أضواء المدينة”.

كاظم علي (مواليد 1977) يقيم في السليمانية. اشتهر بتصويره المفعم بالألوان المبهجة للثقافة والطقوس الكردية، والذي يكشف علاقة قوية بالطبيعة الجبلية في شمال العراق. سلسلته في “نداء كالوست” تحمل اسم “الحياة على سفح الجبل”، وهي محاولة لتوثيق جوانب الحياة الريفية التي أخذت في الزوال سريعا بسبب التطور الصناعي سريع الخطى في كردستان العراق.

مازن منذر (مواليد 1972) مصور فوتوغرافي يقيم في بغداد. درس السينما والتصوير الفوتوغرافي في كلية الفنون الجميلة ببغداد. سلسلته في “نداء كالوست” تحمل اسم “البعد الجمالي”، وتتخذ منحى مفاهيمي، حيث يظهر فيها اللعب بالضوء والظل والعناصر الموجودة في الطبيعة من أجل خلق تراكيب تظهر للعين في صورة تجريدية.

مهند السوداني (مواليد 1987) يقيم بمدينة العمارة في جنوب العراق، ويصور الطبيعة المحيطة بمسقط رأسه لكي يخلق مناظر طبيعية شبه حلمية. لم يدرس السوداني الفن، بل علمه لنفسه، وهو عضو في عدد من جمعيات السينما والتصوير الفوتوغرافي في العراق، كما أنه معروف في هذه الدوائر بالعناصر السوريالية في أعماله. يشارك السوداني في هذا المعرض بسلسلة تحمل عنوان “جديد الجنوب”، يطرح من خلالها نظرته لأهوار العراق التي أدرجتها الأمم المتحدة ضمن “مناطق التراث العالمي” في يوليو 2016.

تارا قادر (مواليد 1984)، درست علوم الحاسب الآلي، واتخذت من التصوير الفوتوغرافي هواية، ومن وقتها أقامت عدة معارض فردية في مسقط رأسها السليمانية. تتميز أعمالها التوثيقية بصوت سردي قوي، لكنها تجرب أيضا مع الصور سابقة التجهيز والأعمال الفوتوغرافية المركبة. تحمل السلسلة التي تقدمها في “نداء كالوست” اسم “الحياة”، وتصور مختلف مراحل الحياة من الميلاد إلى الموت في مجموعة من البورتريهات المصورة من زاوية واسعة.

زياد العبيدي (مواليد 1991) ولد في الموصل ويعيش حاليا في بغداد. يركز العبيدي على حركة البشر والضوء والتغيير، ويجرب في زمن التعرض للضوء والتقنيات الرقمية الجديدة، حتى يصبح من الصعب تحديد تفاصيل موضوعاته إلا بالكاد. وهو إذ يفعل ذلك، يُدخل أفكاره عن الزمن والسرعة على وسيط معروف أكثر بقدرته على التقاط اللحظة. سلسلته المعنونة “أرواح 2″، التي اختارها لمعرض “نداء كالوست”، تجعلنا نفكر في حركة الناس، فردية كانت أو جماعية، حرة أو قسرية، داخلية أو خارجية، كصدى لتنقلات النازحين في العراق وشتى أرجاء العالم.