عقدت الخبيرة الفنية ومنظمة المعارض أنيتا شيلاك ورشة عمل للفنانين في بغداد بالتعاون مع مؤسسة رؤيا لمدة أربعة أيام بهدف تطوير لغة فنية لدى الفنانين تكون أقرب إلى الحياة اليومية، بحيث يتسنى لهم الانخراط في الممارسات الفنية المعاصرة بينما ينتجون أعمالهم الفنية المتصلة بسياقهم المحلي.

16425785_1397508636961069_5002320799151538047_n

تقول أنيتا شيلاك إن “للغة الفنية اليومية سمة فريدة. فهي تنبع ـ مثلما الحال في العمارة ـ من الضرورة، ومن الخامات المتاحة. والسؤال الذي نحاول أن نجيب عليه هو: ما الظرف الذي ينطلق منه الفنانون؟ قد تكون الدوافع لدى البعض سياسية أو اجتماعية، ولكن الخامات الملموسة هي القادرة بالنسبة لآخرين على توجيه الفنان في مسار بصري شائق”.

16299109_1394708140574452_3485643495550424788_n

“لقد ظهر الفن المفاهيمي قبل نحو ستين عاما، لكن المشهد الفني في العراق لا يزال متوقفا عند تراث الحداثة الأوربية” حسبما تقول أنيتا شيلاك التي بدأت العمل مع فنانين في المنطقة الكردية في العراق منذ ما يزيد على عشر سنوات، مضيفة أن “التحدي يتمثل في تحطيم الحاجز، مع العثور على لغة يومية للفن العراقي المعاصر”.

كان المشارون ثمانية وعشرين فنانا وطالبا من بغداد والسليمانية والحلة واربيل. طلبت أنيتا شيلاك من المشاركين قبل الورشة أن يحضر كلٌّ منهم صورا فوتغرافية لمكان في العراق يمثل أهمية لهم في حياتهم. قد يكون المكان لا يزال قائما اليوم، أو تعرّض للتلف بسبب قوات الحرب، أو التحديث، أو التطوير العقاري. “وكان الغرض من تلك الصور” حسبما توضح أنيتا شيلاك “هو أن تكون أساسا لحوار مطوَّل أجراه الفنانون حول فهمهم البصري للعراق. فما لدينا من صور ممثلة لحياتنا غالبا ما يختلف عن الحياة اليومية الفعلية التي نعيشها”.

16386863_1394699377241995_5374267253749708681_n 16387023_1394699477241985_9012972794844716260_n 16265721_1398923846819548_1089219889862536203_n anetaworks

بعد جلسات عديدة من الرسم والنقاش، انقسم المشاركون إلى مجموعات بهدف تكوين أغراض ثلاثية الأبعاد بناء على صورة من الصور التي أنتجت خلال الورشة. وانصب التركيز على العمل الجماعي النقدي: “فقد عمل الفنانون معا وجمعوا بين تحليلهم للصورة بهدف تكوين غرض ثلاثي الأبعاد”. واستعمل الفنانون خامات متوفرة لديهم مباشرة في بغداد، فجاء أحد الأغراض على سبيل المثال مصنوعا بالكامل من علب الثقاب، ثم طوِّرت هذه الأغراض لاحقا في أربعة أعمال نحتية ومركَّبة.

16425792_1397509320294334_8439673681557484294_n 16299140_1397509920294274_5938869183402724682_n 16265573_1398923860152880_2912883579115715143_n (1)

المسار الثاني في الورشة كان مخصصا للأداء والفن الأدائي. وانقسم المشاركون إلى مجموعة تألفت كلٌّ منها من سبعة مشاركين لتكوين مشهدين ورقصات محورها الحياة اليومية في العراق. وتراوحت المشاهد بين عبور نقاط تفتيش وأبراج مراقبة، إلى التأثير المتنامي للإعلام الاجتماعي على التعاملات اليومية.

16299534_1397509850294281_3774638937459075484_n 16387207_1397509176961015_9015145228217357116_n 16265364_1397509700294296_4864592644472143712_n anetashirwan

واتفق الفنانون أن يواصلوا العمل علي هذه النماذج والأعمال الأدائية معا خارج الورشة. وسوف تعرض المنتجات النهائية في بناية “كولبنكيان” ببغداد في أكتوبر 2017. وقد قضى الفنانون المساء الأخير في الورشة في التخطيط للمعرض مع أنيتا شيلاك ومدراء مؤسسة رؤيا.

anetawork 16387133_1398922803486319_3238121114809103907_n 16298642_1398923480152918_2967569452434431563_n

وبرغم أن أنيتا شيلاك تعمل مع فنانين في المنطقة الكردية من العراق منذ أكثر من عشر سنوات، فهذه هي رحلتها الثانية إلى بغداد مع مؤسسة رؤيا. وهو ما تفسره أنيتا شيلاك بقولها إن “العمل في السليمانية أسهل قليلا، فالفنانون في المنطقة الكردية ليسوا على هذا القدر من الانعزال. فالمحاذير أقل على زوار المنطقة، وعدد الفنانين المحليين الذين يسافرون إلى الخارج أكبر. وليس هذا هو الحال في بغداد، وإن تكن للمدينة نقاط قوة أخرى. فبسبب طبيعة تعليم الفنون على سبيل المثال، استطاع الفنانون هنا أن يكتسبوا مهارات وقدرات حرفية هائلة يمكنهم الآن تطبيقها على أعمال أكثر مفاهيمية”.