“دافش” مجموعة مجهَّلة من النشطاء العراقيين، يبدعون وينشرون رسوما كارتونية ساخرة عن الجماعة المسماة بـ”تنظيم الدولة الإسلامية” (داعش) على فيسبوك. ومنذ إطلاق المجموعة في أبريل 2015، نجحت في تحقيق حجم متابعة هائل في أرجاء البلاد وخارجها. إذ راح الجمهور الذي يسكن المناطق الواقعة تحت سيطرة داعش يتواصل معهم ويمدهم بأفكار لمزيد من الرسوم الساخرة- بينما راح أنصار داعش يهاجمونهم برسائل الكراهية.

هنا، يتحدث أحد أعضاء “دافش” (أو دااافشش كما تكتب على فيسبوك) مع رؤيا عن عمل المجموعة، ومعركتها ضد تنظيم الدولة الإسلامية في ميدان الإعلام الاجتماعي.

Daafish, 2015. Courtesy of the artists.

تعليق دافش على ما اقترفه “تنظيم الدولة الإسلامية” من نهب وتدمير للتراث العراقي. دافش 2015. إهداء من الفنانين.

لماذا ترسمون رسوما كارتونية تسخر من داعش؟

داعش تستغل الإعلام الاجتماعي بشكل مكثف، وتستخدم الخوف لترويع الناس حتى لا يفكروا في الوقوف أمامهم. ونحن نريد أن نتصدى للصورة الدعائية التي يرسمونها لأنفسهم.

كيف تحصلون على أفكار رسوماتكم؟

نتابع أخبار المدن الخاضعة لسيطرة داعش في أرجاء العراق. كذلك يتواصل معنا الكثير من سكان الموصل ويزودوننا بأخبار من المدينة.

11952051_968975749832114_2910874500341339995_n

لماذا يعد الضحك أداة أو- على حد قولك- “سلاحا” فعالا في مواجهة داعش؟

النكتة سلاح ممتاز. عندما نضحك على داعش نتغلب على مخاوفنا. ونحن نذكر الناس أن داعش ليست مقدسة ولن تستمر إلى الأبد.

ماذا يخبركم سكان الموصل عن المناطق الخاضعة لسيطرة داعش؟ وكيف يتواصلون معكم؟

يتواصلون معنا بأسماء مجهلة عبر منابر عديدة ومتنوعة. يخبروننا بتصرفات داعش في المدينة، الجيدة منها والقبيحة. الأشياء القبيحة تتعلق بالبطش المادي والنفسي، والفساد، واستغلال الإسلام لأغراض شخصية، وإساءة استغلال الأطفال، واستخدام الوحشية كأداة سياسية، إلى آخره. أما الأشياء الجيدة فتتعلق أساسا بالشؤون المحلية، مثل تنظيف الشوارع ومشروعات البناء. وحتى هذه ملوثة بالفساد: فمثلا، يبدو أن داعش تستغل جمع القمامة للتعرف على البيوت التي فر سكانها من المدينة، ومن ثم تستولي عليها. وهكذا، ورغم مهارة داعش في الدعاية لأي من أنشطتها، مهما كانت تافهة، فإن الناس يفهمون، ويكرهونهم. الناس يتواصلون معنا بآرائهم، وهو ما يمنحنا الفرصة لكي نصبح صوتا لهم.

11224776_936838793045810_2785641187040700678_n

رسومات دافش الكارتونية عن سائق تاكسي عراقي، 2015. إهداء من الفنانين.

كيف تفاعل الناس مع دافش؟

الناس في العراق تعبوا من مشاهدة الأخبار وصور الجرافيك، يريدون شيئا يجعلهم يضحكون، ولهذا يحبون دافش. لدينا الكثير من المتابعين، معظمهم من العراق، ولكن أيضا من سوريا والأردن ولبنان- وجميعها بلدان تشارك بدورها في محاربة داعش. وقد أبدى أكثر من 7000 شخصا إعجابهم برسم كارتون يصور حادثة أسقط فيها طيار غير مؤهل قنبلة بالخطأ على حي شعبي مكتظ بالسكان. بل إن أسرتي أرسلت لي هذا الكارتون عن طريق “واتس آب”، من دون أن يعرفوا أنني أحد أعضاء دافش.

وماذا عن التعليقات من جانب داعش وأنصارها؟

أنصار داعش غالبا ما يعلقون بالهجوم علينا. لا أستطيع أن أكون متأكدا بنسبة 100% أن بعضهم مقاتلون بالفعل في صفوف التنظيم. يقولون إننا ضد الإسلام. ويتضح من تعليقاتهم أنهم لا يعرفون شيئا عن الإسلام- أو أن شخصا ما يعلمهم نسخة مشوهة للغاية من الإسلام- وهكذا، فإن تعليقاتهم تجعلني أضحك.

أطلقتم سلسلة جديدة من الرسوم الكارتونية بطلها سائق تاكسي في مدينة عراقية. وهي سلسلة لا تتصدى لداعش، ولا تتكلم في السياسة ولا في الحرب. فماذا كان السبب؟

أردنا أن نجرب شيئا مختلفا من أجل جمهورنا ومتابعينا، لا أن نركز على داعش فحسب. ففي رمضان مثلا، ابتكرنا رسوما كنا ننشرها بشكل يومي عن سائق تاكسي والمشكلات التي تواجهه في الشارع، في سيارته، في المرور، وفي نقاط التفتيش. لدينا الكثير من القصص عن سائقي التاكسي. والسائق شخصية نمطية شهيرة ومعروفة جدا في العراق.

أنتم تعيشون في مدن مختلفة ومعظمكم لم يتقابل من قبل. فكيف تعملون معا؟

لدينا تقسيم للأدوار: الرسم، الإعلام الاجتماعي، تحرير الفيديو. نتقابل “أون لاين”، على “سكايب” أو على فيسبوك، ونناقش أفكارا لرسوم جديدة. أحيانا ألتقي باثنين من أعضاء المجموعة يعيشون في المدينة نفسها في أحد المقاهي لنتكلم عن المشروع. نرسم “سكتشات” للأفكار على الورق، أو على الكمبيوتر مباشرة ثم نتناقش فيها معا مرة أخرى. نستخدم “واكوم ديجيتايزر” للرسم وكذلك “أدوبي فوتوشوب” و”أدوبي فلاش”. نصوت على كل رسم معا كأعضاء في الفريق، وننشر الرسوم التي حصلت على موافقة الأغلبية.

11659222_944356995627323_8135176564849625120_n

دافش، 2015. إهداء من الفنانين.

أنت نفسك مشتبك مع الكثير من المدونين والمعلقين على الإنترنت. لماذا يمثل هؤلاء مصدرا مهما بالنسبة لك؟

المدونات والإعلام الاجتماعي قنوات تتمتع بالحرية، على خلاف الصحف والتلفزيون. وصحافة المواطن مهمة، خاصة إذا أردنا تشجيع الناس على التحرك واتخاذ موقف. في العراق، نحب استخدام هذه القنوات لأن الاتصال المباشر بين الناس أمر صعب. ليست هناك أماكن آمنة. الوضع الأمني يجعل المقابلات مع الناس صعبة.

ما هو كارتونك المفضل من بين تلك التي نشرتها دافش؟

أنا أريد أن أرسل رسالة سلام ووحدة، على الرغم من الحرب الطائفية، لذا فإن رسمي المفضل هو ذلك الذي يظهر فيه رجلان عراقيان متخاصمان، في يد كل منهما بندقية، وكل منهما يعطي ظهره للآخر، بينما طفل كل منهما يشبك يده في يد الطفل الآخر.

Two children hold hands as a message of peace and unity in Iraq. Daafish, 2015. Courtesy of the artists.

رسالة سلام ووحدة، وسط العنف الطائفي في العراق. دافش، 2015. إهداء من الفنانين.

ماذا تخطط دافش في المرحلة المقبلة؟

نريد أن نلهم المزيد من الفنانين الموهوبين والشبان العراقيين ونجعهلم يعبرون عن نفسهم. الناس ترسل لنا بالفعل قصصهم وأفكارهم. الآن نريد من الفنانين، أو الفنانين الواعدين أن يرسلوا إلينا أعمالهم لكي نروج لها. نأمل أن نجمع حولنا كل أولئك الذين يشاركوننا حلمنا في عراق موحد وقوي وقادر على الكفاح من أجل مستقبل أفضل.