الأوبزرفر

19 نيسان 2015

الفن في العراق: بغداد الصاخبة بالفنون.. وكأنك في نيويورك!

تسافر الصحفية جين عراف إلى العاصمة العراقية لمقابلة الفنانين الذين يأملون لبلادهم ذات التاريخ التليد أن تستعيد مكانتها في عالم الفن المعاصر.

حسين عادل فنان شاب مكافح يسكن في غرفة صغيرة مشتركة، يعيش على سندويتشات يشتريها من الشوارع. لكن أبواق السيارات التي تصله من شارع بغداد المزدحم تمثل له تذكرة دائمة على كونه يعيش حلمه.

Screen Shot 2015-06-04 at 16.01.02

يجلس عادل محاطا بلوحاته واسكيتشاته على الفراش الذي يتبادل الرقاد عليه هو واثنان من أصدقائه، ويقول: “بغداد هي المكان الذي يصطخب بالفنون- إنها مثل نيويورك”.

كان عادل في الخامسة عشرة عندما جاء به والده، الذي كان يحلم هو نفسه في شبابه بدراسة الفن، من مدينة الناصرية لكي يلتحق بكلية الفنون الجميلة بجامعة بغداد. يقول عادل “ظل معي لشهرين ثم قال: ‘تستطيع إدارة شؤونك أفضل مني. إذا بقيت معك لن تصير رجلا'”.

هذا الشاب الضئيل بشعره المتموج المشعث أتم لتوه عامه العشرين، وهو في عامه الدراسي الأخير. وللمساعدة في دفع الإيجار يبيع رسوم الكاريكاتير للصحف مقابل 15 دولار للرسمة. وهي رسوات ذات طابع اجتماعي وسياسي- في أحدها يمتد لسان أشبه بلسان الأفعى من فم سياسي بدين ليلعق مصاصة لطفل يرتدي ملابس رثة، وفي أخرى يظهر زمَّار يبشر بالجنة ويسوق انتحاريين تابعين لداعش إلى حتفهم.

كذلك تصور رسومه الكاريكاتورية التي يرسهما بالزيت على الورق شخصيات من التاريخ والثقافة الشعبية: ألبرت أينشتاين وفي شعره “فيونكه” منقَّطة، مستر بين وفي عينيه نظرة شديدة الخبث، وألفيس بريسلي-الذي يصفه عادل بـ”مغني أمريكي شهير اسمه طار عن بالي”. بالكاد يتذكر عادل العراق أيام كان معزولا عن العالم في زمن ما قبل الحرب. لكنه نتاج لمجتمع عراقي يضرب بجذوره عميقا في الفنون، وابنا لشبكة الإنترنت. وهكذا، ومع أنه لا يملك ما يكفيه للسفر وزيارة مسقط رأسه، فقد عرض أعماله في معارض على الإنترنت نظمها قنانون في أسبانيا، ومصر، وقطر.

ينجز عادل بعضا من رسوماته بقلم رقمي ذي ماركة مقلدة اشتراه من السوق بخمسين دولار. حلمه الأكبر أن يصنع أفلام رسوم متحركة. يقول “تعلمت الأساسيات في الكلية، لكن معظم ما أعرفه تعلمته من اليوتيوب”. لقد علمه المدرسون على الإنترنت تقنيات التحريك والرسوم الرقمية، لكن أحدا لم يعلمه سبل البقاء. في الأوقات التي كان يعجز فيها عن دفع الإيجار، راح يتنقل بين شقق في أحياء أكثر خطورة، من بينها منطقة صناعية في وسط بغداد كانت معقلا من معاقل تنظيم القاعدة.

يقول عادل “كانت منطقة خطرة في ذالك الوقت، لكنني لم أكن أعرف شيئا عما يدور، وكانت الإيجارات رخيصة. أقمت فيها على مدار عامين- كان الناس سكارى طوال الوقت وكانت هناك مصادمات مع جنود أمريكان- كان الأمر أشبه بفيلم أو قصة خرافية. ولم أخبر والدي قط بما كان يحدث”.

رفيقاه في الغرفة كاتب وشاعر. “بالطبع كان أمرا شديد الصعوبة. وكان مخيفا. كل شهر تقريبا كان علي أن أنتقل، وكان من الصعب علي أن أعثر على أماكن للسكن، لكنني ظللت أذكر نفسي بالسبب الذي من أجله جئت إلى بغداد، وبخططي من أجل المستقبل”.

تتضمن أفلام الرسوم المتحركة التي يريد صناعتها فيلما عن صبي يكتشف طريقة لمساعدة والده على الطيران، ومن ثم الهروب من سجن أبو غريب، وآخر عن عراقيين ابتلعهم حوت والعالم الذي يخلقونه بداخله.

Screen Shot 2015-06-04 at 16.01.17

يقول “أريد أن أجد معهدا خارج العراق، لأتعلم فيه ثم أعود. إذا بقيت هنا، لن أستطيع التعلم. بالطبع أريد أن أعود لأن هناك شبانا مثلي يريدون تعلم التحريك. العراق يمر بموقف عصيب، لكن لا تزال ثمة حياة هنا”.

قبل أكثر من ألف عام، كانت بغداد عاصمة لعالم إسلامي يوجه أنظاره صوب الخارج، ومقرا لواحدة من أعرق الجامعات، وموطنا للكتاب والشعراء الذين بقيت أعمالهم عبر القرون.

في التاريخ القريب، أفادت بغداد الحديثة من مميزات التقليد المتمثل في تمويل الدولة للفنون، وإن كان ذلك يتم وفقا لقيود سياسية صارمة. ووسط المدن العربية التي يحرم فيها الفكر الإسلامي تصوير الأجساد الحية، ظلت العاصمة العراقية حالة نادرة معروفة بتماثيلها الحديثة والمعاصرة. على ضفاف نهر دجلة، ينتصب تمثال الفنان الراحل محمد غني حكمت، الذي يصور شهرزاد وهي تغزل الحكايات لشهريار المضطجع في فراشه. كما تتناثر منحوتاته الأخرى المستوحاة من ألف ليلة وليلة في المتنزهات والميادين.

وفي ساحة التحرير ببغداد، ينتصب النصب التذكاري الذي أبدعه جواد سليم تخليدا لذكرى ثورة 1958، والذي يوضح تأثر الفنانين العراقيين بالبعثات الدراسية في أوروبا، التي كانت تمولها الحكومة. بل إنك تجد في كل مبنى حكومي تقريبا أعمالا معروضة لأبرز الفنانين العراقيين، كلفوا بإنجازها في العقود السابقة على حرب عام 2003.

الآن، تراجع دعم الفنانين، ولكن تراجعت معه أيضا القيود التي تكبلهم. في المعرض السنوي الأخير الذي نظمته جمعية الفنانين التشكيليين العراقيين، وهي النقابة التي تجمع التشكيليين على مستوى البلاد، ظهر الفنان الأدائي حارث مثنى يضع قناعا أسود، وقد علق نفسه من شجرة.

ووسط مجتمع تتزايد فيه وتيرة التدين المحافظ وهجرة الطبقة الوسطى، ما أدى إلى تراجع سوق الفن وتجفيف منابع التمويل الحكومي، غادر المئات من الفنانين العراقيين البلاد، تاركين زملاءهم أكثر عزلة. تقول تمارا جلبي، رئيس مؤسسة رؤيا للفن المعاصر في العراق، وهي مؤسسة غير حكومية تشرف على تنظيم الجناح العراقي في بينالي فينيسيا لهذا العام “أصوات الناس لا تصل غالبا لأن العراقيين لا يستطيعون التعبير بطريقة يسمعها الغرب”. وتمارا هي ابنة أحمد جلبي، الذي لعب دورا مثيرا للجدل في إقناع الولايات المتحدة وحلفائها بغزو العراق في 2003 وأصبح فيما بعد نائبا لرئيس الوزراء. وبالرغم من كل ذلك، يظل جلبي الأب معروفا في العراق بوصفه أحد كبار رعاة الفنانين المحليين.

مؤخرا، في إحدى الأمسيات، جلست تمارا مع الفنان عقيل خورشيد في شقته بوسط بغداد. رسوماته الزاخرة بالتفاصيل تعتمد على التاريخ الديني وأبطال من الملاحم الشعبية. عرضت عليه جلبي أعمال فنانين استكشفوا تيمات أكثر ذاتية. “قلت له: ‘لماذا لا تتعامل مع العالم من حولك؟ أعرف أنك ربما تريد نسيان الألم والتفجيرات وما شابه، لكن لماذا تكتفي بكلكامش؟’ لا شيء يعيب كلكامش، لكن ثمة افتقار لاستكشاف الذات، وهذا جزء من مسألة ثقافية أكبر”.

في مسعاها نحو زيادة معدلات المشاهدة للفنانين، أسست رؤيا قاعدة بيانات تتنامى باستمرار لفناني الفنون البصرية، والموسيقيين، ومصوري الفوتوغرافيا والممثلين العراقيين داخل العراق وخارجه. كذلك تحاول تنمية المواهب الفنية، وتعريض بعض الفناين لتأثيرات جديدة. تقول فرات الجميل، مديرة مكتب رؤيا في العراق، وهي نفسها فنانة ومخرجة أفلام “لدينا بعض الفنانين العراقيين المتميزين جدا الذين يتمتعون بتقنيات قوية وقدرات عالية. لكن أغلبهم ما زال متشبثا بفكرة أن عليهم إنتاج فن من أجل إسعاد الآخرين وليس من أجل التعبير عن مشاعرهم وأفكارهم. الكثير منهم نشأوا على مدار تلك السنوات الطويلة التي كان يقال لهم فيها ماذا ينتجون، وحرموا من إنتاج ما يريدون إنتاجه…. معظم الأعمال الفنية ممتازة، لكنها تفتقد إلى الروح”.

الكثير من رسومات خورشيد تبدع في تصوير أبطال تاريخيين مفتولي العضلات وهم في غمار المعارك. أما في الحياة الواقعية، فيكافح خورشيد آثار شلل أطفال أصابه في طفولته، فيتحرك بصعوبة في أرجاء الشقة التي يعيش فيها مع أمه المعاقة.

مشروعه الأكبر هو القصة الأكثر حضورا في القصص العراقي- قصة استشهاد الإمام الحسين في كربلاء في القرن السابع. استغرقت لوحاته عامين و70 “اسكتش”. في مكتبه بدار الأزياء العراقية التابعة لوزارة الثقافة، يصمم خورشيد أزياء وفساتين من وحي الخيال، وفي بيته، يوصد بابه ويعتزل مع أقلامه وألوانا، مختفيا في عالمه المكون من رسوم لرجال مفتولي العضلات على صهوة جيادهم.

يقول: “طلبت من الإدارة عطلة أسبوعين وجئت وأوصدت الباب. بسطت أوراقي وبدأت في العمل. قلت لنفسي ‘هذه مملكتي’. لدي أحلام كبيرة، لكن لا أحدا سيتقبلها. أحلم أن تتحول إحدى لوحاتي إلى نصب تذكاري في بغداد. أحلم بإنهاء الماجستير خارج العراق. الوضع هنا لا يساعد على ذلك، ولكن ماذا نفعل؟”.

الثيمة الرئيسية في جناح العراق في بينالي فينيسيا لهذا العام هي “الجمال الغير المرئي”. وقد سبق للجميل نفسها المشاركة في الدورة السابقة من البينالي، حيث حظي جناح العراق بأكثر من 82 ألف زائر. في عملها المركَّب كان إطار خشبي يقطر عسلا داخل وعاء خزفي مكسور- تقول إنه يوحي للكآبة التي حلت بالعراق.

Screen Shot 2015-06-04 at 16.01.29

وتضيف: “كان الناس مهتمون بمعرفة أحوال الفن والثقافة في العراق. قبل زيارتهم الجناح كانت المعلومات الوحيدة لديهم حول العراق تقتصر على الحرب والعنف”.

وبالرغم من إصرار خورشيد على الانعزال، يظل العنف ثيمة ظاهرة في الكثير من الأعمال الفنية العراقية. أحد الفنانين الذين اختارتهم رؤيا للمشاركة في معرض العام الحالي- حيدر جبار، المغترب في تركيا- ظل يعمل على سلسلة من الرؤوس المقطوعة. وأحدث الأعمال المركبة التي أنجزتها الجميل يتضمن لقطات فيديو لأحد جيرانها وهو يقلِّم أشجار نخيل، وكان الفيديو يعرض بالحركة البطيئة، حتى أن كل ضربة من المنجل تصدر صوتا كدقة قلب. وقد لقي هذا الجار مصرعه بعد تصويره في حديقتها، حيث أطلقت عليه النار. وتقول الجميل، التي ولدت في ألمانيا ولكنها عاشت سنوات مراهقتها في العراق ثم عادت إليه قبل بضع سنوات، إن إبداع الفن هو رد فعل على الموت والدمار. وتضيف: “لكي تستطيعين العيش وسط هذا الدمار  تخلقين أعمالا فنية تمثل رغبتك الداخلية في النجاة. أعمالي الفنية تدور بالأساس حول إعادة التأهيل، إعادة البناء، العودة إلى الحياة بدلا من الاستسلام لذلك الدمار المروع… إنها مجرد لحظة عابرة في تاريخ هذا البلد، فلماذا أستسلم لهذه اللحظة؟”.

ومن بين أفلام الجميل فيلم “ليل بغداد”- وهو فيلم رسوم متحركة قصير عن “السعلوة”- الشخصية الفلكلورية العراقية التي تشبه الساحرات. ويبدأ الفيلم- الذي أنتج بالكامل في العراق وبأيد عراقية- عندما يقل سائق تاكسي امرأة جميلة تطلب منه توصيلها إلى المقبرة.

تقول الجميل “لا أريد لتراثنا المادي وغير المادي أن يندثر. عندما ألجأ على سبيل المثال إلى السلعوة أو إلى جرة قديم وأصنع منهما فنا، فإن ذلك ينقل التاريخ إلى اللحظة الحالية ويحمله إلى المستقبل لأن الفن هو الذي يبقى في النهاية. سأموت يوما ما، لكن فني سوف يبقى”.

والحقيقة أن الفن العراقي أثبت قدرته على مقاومة القمع. في جاليري “حوار” المملوك لقاسم السبتي، ظل الفنانون يجتمعون في الحديقة المجاورة للجاليري طيلة السنوات التي فرضت فيها عقوبات تجارية تعجيزية في عقد التسعينيات من القرن المنصرم، مرورا بسنين الغزو والعنف الطائفي الذي أعقب الإطاحة بصدام حسين في العقد التالي. وفي سلسلة من أعمال السبتي الفنية تظهر “كعوب” كتب أنقذت من الحرائق وأعمال السلب والنهب التي صاحبت سقوط بغداد.

في أيام الجمعة، بالقرب من سوق الكتب الشهير في شارع المتنبي، يلتقي فنانون في ساحة القشلة، التي جددت وأعيد افتتاحها قبل عامين، ومن ثم أصبحت ملجأ من ملاجئ الشعراء والفنانين والموسيقيين والمحتجين.

في إحدى لقاءاتهم في الأيام الأخيرة، راح المارة يقفون في وضعية الرسم بالقرب من برج الساعة فيما أخذ الأطفال يحاولون تجريب أياديهم في رسم اسكتشات بالأقلام الملونة. وبجوارهم، أوقدت الشموع تكريما لذكرى الفنان جاسم أبو دعاء الذي كان قد توفي في الأسبوع السابق. وكان النحات المتقاعد يواظب على الحضور كل جمعة، يرسم اسكتشات لأي شخص يريد بورتريه بلا مقابل. وقال أحد أصدقائه “لقد مات وهو يرسم”.

كذلك يضم جناح العراق في بينالي فينيسيا العام الحالي المصور الفوتوغرافي لطيف العاني، الذي يعد أبا للتصوير الفوتوغرافي العراقي. وقد بدأ الفنان البالغ من العمر 83 عاما عمله في خمسينيات القرن الماضي- وهي الحقبة التي يعتبرها الكثيرون العصر الذهبي للعراق. تقول جلبي “لطيف أحد الأساتذة المنسيين… لم يتردد اسمه على الساحة لسنوات طويلة، وفجأة تكتشفين في أرشيفه هذا الكنز القديم المخبأ”.

في الخمسينيات، بينما كان العراق يطور صناعة النفط الخاصة به، توظف العاني في شركة بترول العراق الخاضعة للإدارة البريطانية، حيث تدرب على يد مصور فوتوغرافي انجليزي. وسافر في طول البلاد وعرضها وهو يعمل لحساب مجلة الشركة، ملتقطا صورا أصبح بعضها أيقونات في الفن العراقي، حتى أن إحداها- تلك التي تصور امرأة تحصد القمح- استخدمت في تصميم ورقة النقد العراقية فئة 25 ألف دينار.

يقول العاني “كان العراق في ذلك كان بلدا متطورا وكنا نشعر بالتقدم في كل مكان”. في وقت لم يكن فيه مطار واحد في بلدان الخليج، كان العاني يستقل الطائرة منطلقا من البصرة وإليها، حتى أن الكثير من صوره التقطت من الجو، من طائرات صغيرة ومروحيات.

عندما أممت شركات النفط، بدأ يعمل لحساب وزارة الثقافة التي كانت تصدر مجلة بأربع لغات، ثم لحساب وكالة الأنباء العراقية المملوكة للدولة. وأيام كان العراق قوة إقليمية غنية، كان يسافر مع صدام حسين في رحلات رسمية إلى باريس وغيرها من العواصم. يقول “كنت أشعر بالفخر لأننا عراقيين، لا لأننا مرافقين لصدام”. وكانت الرحلات مشحونة بالتوتر. “طوال الوقت كنا خائفين من ارتكاب أخطاء”.

يقول العاني إنه توقف عن التصوير الفوتوغرافي ورحل إلى الكويت عام 1977 عندما وقع في مشكلة مع حزب البعث. وعاد إلى بغداد عام 1983، لكنه لم يعمل كمصور فوتوغرافي محترف بعد ذلك قط. مع ذلك، ساعد في إنشاء اتحاد المصورين العراقيين وإخراج جيل جديد من المصورين.

في عام 2003، بعيد سقوط بغداد، سرقت أكثر من نصف مليون صورة فوتوغرافية تاريخية من أرشيف وزارة الثقافة أثناء عمليات السلب والنهب. في ذلك الوقت، كان العاني قد نقل جزءا من أرشيفه الخاص إلى بيروت، لكن الآلاف من صوره ضاعت. وترسم الكثير من صوره ملامح عراق ساحر بشكل يفوق الخيال. في إحداها، تظهر نساء متأنقات يتفحصن عقودا من اللؤلؤ في صندوق عرض داخل أحد المتاجر. وفي صورة أخرى، يقف طاقم تصوير فيلم انجليزي في وضعية تصويل في مدينة بابل. كان كل شيء يبدو جديدا، حديثا، أو بحد توصيف العاني، كانت “أيام الوفرة”.

تغير ذلك العراق. في عام 2007، لقي أحد أبناء العاني مصرعه، وكان شرطيا يعمل مع القوات الأمريكية، عندما وضعت قنبلة تحت سيارته. أما ابنه المتبقي فقد توفي قبل أربع سنوات عندما اشتعلت النار في أحد مولدات الكهرباء التي أصبح العراقيون يعتمدون عليها بشكل كبير.

ويشير العاني، وقد وقف متأنقا في بدلة وربطة عنق، إلى صورة لزوجته الأولى، رجاء، التي توفيت قبل أربعة عقود. وهي صورة شاعرية التقطت في حديقة أحد المزارات شمالي بغداد.

يقول “الحياة فيها كل شيء- الحزن، المصائب، السعادة. لكنني دائما كنت أبحث عن صور تجعل الناس سعداء”.

تعليقات الصور:

-العراق في وضع صعب، لكن لا زالت ثمة حياة هنا: طالب الفن حسن عادل. تصوير: أحمد موسى/ كوربس.

-“مملكتي”. عقيل خورشيد الذي يستوحي رسومه من القصص الملحمية الشهيرة، مع المخرجة فرات الجميل. تصوير: أحمد موسى/ كوربس.

-العصر الذهبي: بغداد في الخمسينيات. تصوير لطيف العاني.

-ورقة شجر جديدة: عمل فرات الجميل المركب وتظهر فيه جرة عسل. تصوير: فرات الجميل.

-لطيف العاني، أبو التصوير العراقي الفوتوغرافي، 83 سنة. تصوير: أحمد موسى/ كوربس.

-“إذا بقيت هنا لن أتعلم”: حسين عادل مع أحد رسومه. يبيع عادل رسوم كاريكاتورية للصحف لتساعده في دفع الإيجار. تصوير: أحمد موسى/ كوربس.