حيدر جبار ( مواليد 1986 ) بدأ عمله في صناعة الأفلام  وعمل مدير فني في عدد من الأفلام  الروائية القصيرة. درس التربية الفنية الكلاسيكية  في معھد الفنون الجميلة في بغداد . نجح في الھروب من القيود القياسية ويعمل ان بأسلوب مباشر و حميم في الرسم . قدم معرضين في بغداد و كان الثاني تحت عنوان ” وحدة العناية التنفسية ” في عام 2013 وأھداه إلى والدته الراحلة. ھو الآن لاجي في تركيا ويواصل عمله كفنان عن طريق منحة من مؤسسة رؤيا . أعماله في الجناح ستسلط الضوء على هولاء الذين قتلھم داعش في العراق ويمكن اعتبار ھذا العمل كتسجيل شخصي لكوارث إنسانية

كثير من الاشياء تجعلنا نصنع أشياء ليس لنا بها إي علم لكن حب الاطلاع والفضول يتركنا نلاحق الاشياء الغامظة ، أسباب كثيرة متعلقة بهذا الموضوع الرئيسي هو كيف وماهو ذلك الشي الذي صنع منك فنان ؟ .
16799747551_323dfc92bb_o

16679538293_abbe30ac36_o

16679520653_f128616be8_b

17299772005_8e89e38785_z

لوحات الفنان حيدر جبار الأخيرة التي رسمها لبينالي فينيسيا والتي تتمحور حول جرائم قطع الرؤوس المرتكبة من قبل داعش. الصورة معروضة بموافقة الفنان

في تسعينيات القرن الماضي كان الجوع والحرمان يدخل كل بيت ويطرق جميع الابواب في إي لحظة في عموم العراق ، أنا احد افراد تلك العوائل الفقيرة التي كانت تعاني السبب ذاته . حيث ان والدي ترك الوظيفة في دار الحرية للطباعة لاسباب سياسية مما ادى الى خلق عمل جديد لكسب القوت اليومي ، هو اننا كنا نصنع أكياس من ورق الجرائد والمجلات التي كان يأتي بها من المطبعة ، وبعد انهاء كمية مناسبة من الاكياس الورقية نقوم بتوزيعها على اصحاب المحال والمطاعم ، وفي الوقت ذاته كانت والدتي تصنع الحقائب من أكياس الطحين وبقايا قطع القماش المتروكة على رصيف محل خياطة في السوق الشعبي لمدينتي (الامين الثانية) ، كانت تستمتع وهي ترتب قطع القماش وتقوم بخياطتها واحدة بجانب الاخرى حسب الشكل الهندسي وتناسق الوانها وكانت تتقن فن التطريز بالخيط والابرة اليدوية ، وذات مرة طلبت مني ان ارسم فراشة بالقلم حيث تقوم هي بعدها بالتطريز ، في ذلك الوقت كنت ابلغ من العمر عشر سنوات ، ليس لدي اي دراية وعلم كيف ترسم الفراشة ، نجحت بتلك المحاولة البسيطة .
مماجعلني ان اركز بأدق تفاصيل الاشياء ، ربما الفراشة هي السبب الوحيد في ذلك او ربما كان طلب والدتي هو أحد الاسباب لست متأكد بالضبط .
ومن تلك الاشياء البسيطة التي كانت تصنعها والدتي كان بساط من اجمل ما شاهدت ولازلت احتفظ به .
للفنان دور فاعل بالمجتمع وقد يكون سبب في تغيير جيل كامل من الافكار والمفاهيم الثابتة والمتغيرة .
مثال على ذلك : فنان الكهف تغلب على كل مفاهيم الخوف التي كانت تدور في ذهنة من حين الى اخر ، رسم تلك الوحوش المسببة للقلق والتغلب عليها نفسيا ومن ثم معنويا.
بغداد ..كان الخوف يلاحقني والاضطراب النفسي في كل مكان ، مخيلتي لازالت مليئة بالقلق وعدم الاستقرار مما يدعوني الى رسم تلك المشاهد المثيرة للذعر وانتظار الامل .
الصعوبات التي واجهتها في بغداد ، ” ممارسة الحياة افضل من البقاء على قيد الحياة ” هذا سؤال كنت اسألة لنفسي دائما ، في بغداد من الصعب جدا ان تبوح بالاشياء التي تدور في داخلك من رفض لمفاهيم مختلفة فنية كانت او شخصية او جتماعية او سياسية ، اقابل بالرفض دائما .
الان وانا معبئ بالحب حيث اني اسكن مدينة سامسون التركيا وبدعم من مؤسسة رؤيا للفنون والثقافة بالعراق اتكلم بصوت عالي جدا وابوح باشيائي التي احب وارفض ما لا احب في حرية مطلقة وغاية من الروعة .
مشروعي الجديد هو مجموعة من صور استذكارية لأشخاص قتلوا بقصد او من دون قصد بطريقة بشعة جدا ، أحاول ترجمة ما بداخلهم من حزن ورعب وهم يلفظون انفاسهم الاخير بيد جلاديهم البائسين ، المشروع قيد الانجاز .
أنا لا أأمن بالذكريات لكن أأمن بذات الانسان الباحثة عن التقدم ، أما بالنسبة للماضي هنالك أشياء كثيرة خلقت بداخلي روح ألاصرار والتفكر بمستقبل جميل .
وجودي في مهرجان فينيس قد يشكل تغيير شخصي في حياتي من ناحية الفكر ، اما وجودي كجسم مادي ملموس قد يشغل حيزا من الفراغ فقط ، لكن الاهم من هذا كله هو وجود اعمالي المترجمة لحالتي الشخصية ، قد اخفق بما سوف ابوح به . لكن الاعمال سوف تختزل كل ذلك الصراع الذي يدور بمخيلتي من خوف وصراع وصراخ ، اتمنى لهذا المهرجان الاستمرارية الدائمة وأن يسمع صوت الانسان العراقي الذي عانى ويعاني الى الان من تخبط فكري وصراع مذهبي مزعج وعدم احترام ذات الانسان المنتجة والمحبة للخير .
الفنان والمثقف العراقي ذات منتجة وباحثة عن الجمال منذ عصور قديمة رغم النكبات الحاصلة في العقود الاخيرة الا انها اعطت الكثير من انتاجها العلمي والمعرفي للبشرية .

16178527234_e22f297a2f_b Haider Jabbar, from the series Respiratory Unit C, 2013. Courtesy of the artist.