فرات الجميل هي مدير مكتب بغداد في مؤسسة رؤيا، وتكتب هنا عن المعرض الذي سيقام يوم 17 ديسمبر 2015 في “المنطقة الدولية” داخل العاصمة العراقية، تحت عنوان “معرض بغداد الشتاء”.
في سياق جهودنا المتواصلة لدعم الفنانين في العراق، تعاوننا مع السفارة الكندية من أجل استضافة معرض لأعمال حديثة أبدعها فنانون عراقيون، داخل “المنطقة الدولية”. فمع أن الجماعات الفنية والجاليات الأجنبية يعيشان جنبا إلى جنب في المدينة ذاتها، ظل التفاعل بينهما محدود للغاية. وهكذا، فنحن نسعى إلى جسر هذه الهوة.
في يونيو 2015، بدأنا التحاور مع السيد روبرت بيسيت، القائم بأعمال السفارة الكندية في العراق، حيث تحدثنا عن افتقار بغداد إلى “سوق للفن” يتيح للفنانين المحليين الاستفادة ماديا من إبداعاتهم. فعلى الرغم من الانتعاش الذي يشهده الفن العراقي في الشتات على المستوى الدولي، يظل الفنانون المقيمون في العراق منقطعي الصلة عن سوق الفن الدولي لعدة أسباب، من بينها القيود المفروضة على التحويلات المالية بين سكان العراق وبين بقية أرجاء العالم، وأيضا الصعوبات الهائلة في إجراءات شحن الأعمال الفنية إلى خارج العراق. الأمر الذي يدعو الكثير من الفنانين إلى الهجرة بحثا عن فرص أفضل.
ومع أن الجاليات الأجنبية المتنوعة التي تعيش في المنطقة الدولية في بغداد يمكن أن تمثل جمهورا طبيعيا لهؤلاء الفنانين، نجد أن التواصل يكاد يكون مقطوعا بين تلك الجاليات وبين الجماعة الفنية في المدينة، وذلك بسبب الإجراءات الأمنية المشددة التي تفرضها السفارات والمنظمات الدولية. وبالمثل، يجد الفنانون في بغداد وشتى أرجاء العراق صعوبات جمة في عرض أعمالهم أمام جمهور أجنبي يعيش على مرمى حجر منهم.
هكذا، قررنا أن ندعو الفنانين إلى داخل المنطقة الدولية، على أمل أن يتمكنوا من بيع بعض أعمالهم، ومن بناء علاقات مع مختلف الجاليات، عسى أن يساعدهم ذلك على التداخل مع عالم الفن العالمي.
والحق أن تنظيم معرض داخل “المنطقة الدولية” لم يكن أمرا يسيرا، بل ولم يكن ممكنا من دون مساعدة دائرة العلاقات الثقافية في وزارة الثقافة. فالتواجد في هذه المنطقة محدد بقيود صارمة، ولا يسمح بدخولها إلا لعدد محدود جدا من سكان بغداد. بل وتبين لنا أن إجراءات إدخال الأعمال الفنية داخل “المنطقة الدولية” لا تقل صعوبة واستنزافا للوقت من محاولات إدخال الفنانين العراقيين أنفسهم.
وقد ساهمت “مؤسسة رؤيا” في اختيار الفنانين، جنبا إلى جنب مع السفارة الكندية ووزارة الثقافة العراقية. وحرصت رؤيا على اختيار فنانين من بغداد وكركوك والسليمانية لها خبرة في العمل معهم ودعمهم استمرت على مدار سنوات عدة. ونحن نؤمن أن أعمال هؤلاء الفنانين تتميز بتمثيلها للواقع، وذاتيتها، واستقلاليتها عن النهج الفني السائد في مدارس البلاد الفنية.
وقد وقع الاختيار على هؤلاء الفنانين:
أحمد عبد الرزاق
عقيل خريف
أيمن العامري
ديلان عابدين
فرات الجميل
جاريث ميثاني
جعفر محمد
محمد مسير
طلال محمود حميد
ستار درويش
وضاح مهدي
يسرا الإباي
لقد كشف هذا المعرض أن الحكومة يمكن أن تعمل مع الجهة غير الحكومية بوصفهما شريكان متساويان داعمان للفنون. ومع أن الجهة الحكومية عادة ما تظهر في ثوب “الراعي” بينما يحمل الجانب غير الحكومي على كاهله عبء توفير الخدمة والتمويل، ففي حالتنا هذه تضافرت جهود مؤسسة رؤيا مع كل من السفارة الكندية ووزارة الثقافة العراقية، دون أن تعتمد أي من تلك الهيئات على الأخرى.
كذلك فقد رحبت السفارة الكندية ووزارة الثقافة بفكرة استمرار المبادرة التي طرحتها رؤيا، وتكرارها في الفصول الأربعة في 2016. وسوف ينظم معرض “بغداد الربيع” في أبريل العام المقبل.